لباس الأعياد والمناسبات في العالم العربي
كل الأسر العربية تحتفل بمقدم عيد الفطر السعيد باقتناء ملابس جديدة سواء للأطفال أو للكبار كذلك، ولعل من العادات الراسخة في هذا العيد هو اقتناء ملابس تقليدية للنساء وأيضا الرجال، وفقا لعادات ومورث كل بلد عربي على حدة، فالزي التقليدي ليس مجرد لباس وإنما يعتبر مكتسبا ثقافيا وتاريخا لشعب معين.
القفطان المغربي- أصالة المناسبات السعيدة
يعد القفطان المغربي في المغرب الزي الرسمي لعيد الفطر وهو لباس عريق جدا، يؤرخ للعصر المريني وعرف تعاقب الحضارات الفنيقية والقرطاجية والرومانية الا انه بقي محافظا على سماته وخصائصه، وكان يصدر الى الخارج ولعل ملك البرتغال انذاك كان اكثر من حاز على اكبر عدد منالقفاطين المصدرة فقد عرف بولعه بهذا الزي التقليدي المغربي، ثم ارتداه الموسيقي زرياب وكان انذاك القفطان رجاليا ولم يتحول بعد الى القفطان النسائي المعروف منذ قرون, ووفقا لبعضالمؤرخين فقد كان الفضل لزرياب ان انتقل الى الاندلس في القرن التاسع
كان القفطان فيما قبل زيا رجاليا ثم تحول أكثر إلى زي نسائي بيد انه وحسب تفصيلته وطريقة خياطته يمكنه أن يكون رجاليا وأيضا نسائيا، وهناك القفطان الذي يتألف من قطعة واحدة ويتخذ اسم القفطان دائما أما الذي يتكون من عدة قطع أي من اثنين إلى ثلاث فيسمى "التكشيطة" وهو نوع لباسي معروف بالمغرب للنساء فقط ويمكنه أن يستعمل للأعراس والمناسبات الاحتفالية الكبرى وأيضا كلباس سهرة والآن وبسبب وتيرة الحياة السريعة فقد ظهر ما يسمى بالقفطان الجلباب، أي انه قفطان يرتدى في المناسبات ولكن يتخذ تفصيلة وشكل الجلباب أيضا فيمكن ارتداءه داخل وخارج البيت كذلك.
وإذا كانت عصرنة القطان والتكشيطة اقتضت إدخال آلات عصرية للخياطة فان أجود أنواع القفطان هي المصنوعة باليد دائما وأهم ما يميز فترات الأعياد والمناسبات هي اختيار قفاطين وجلابيات وتكشيطات محاكة باليد من قبل صناع تقليديين ماهرين ونسميهم "خياط تقليدي"'.
ألوان مختلفة وزركشات متنوعة منها ما هو مستوحى من الثقافة الامازيغية وزخارف من الثقافة الإسلامية الأندلسية...
عرض ازياء قفطان دار المعلمة لسنة 2011
مناطق الجزائر تزهو بلباسها التقليدي
اما في الجزائر وإن كان ايضا القفطان المغربي قد غزا السوق الجزائرية واصبحت النساء تتفنن في ارتدائه خاصة مع تقارب الثقافتين وتشابه الازياء الا ان هناك ازياء تقليدية لا يمكن لهذا البلد الشقيق التخلي عنها في المناسبات المهمة مثل عيد الفطر والاعراس وغيرها، ونذكر على سبيل المثال، الكاراكو وهو لباس تعرف به الجزائر العاصمة ويتالف من قطعتين منفصلتين، القطعة العلوية وتدعى الكنزة وتكون مطرزة باليد أي طرز المجبود او الفتلة او الشعرة، والسروال المكمل لقطعة الكاراكو ويصنع من قماش القطيفة وهذا اللباس يشبه نوعا من القفطان ايضا يعرف في فاس ووجدة ويسمى الجبادور...
سروال الكاراكو لا يتوفر على تطريز ويعوض احيانا بتنورة طويلة من قماش الحرير ويكون للرأس ايضا غطاء يدعى الفتول وهو عبارة عن خمار حريري تتدى منه خيوط او الفتول ويكون بنفس لون الكنزة
اما بمنطقة تيزي وزو او بجاية أي المناطق الامازيغية او القبائلية فالزي المعروف هو زي تقليدي بتطريزات امازيغية رائعة تشبه التطريزات التي تزين بها ال"هدونات" او "الزرابي" بالمغرب العربي، واحيانا تزين بسلهام جميل وتزيد جمالية باساور وحلي امازيغية
هناك ايضا الكندورة القسنطينية او الجبة التي تشتهر بها المنطقة الشرقية للجزائروتصنع من قماش القطيفة وتطرز يدويا بخيوط ذهبية
هناك ايض الشدة التلمسانية وتستعمل اكثر في الاعراس
اللباس العربي للعروس الخضراء - تونس
أما في تونس فاللباس العربي ذا الأصول العربية مثل الجبة والجلباب و البدعية والعراقية والسفساري هي الشائعة في الأعياد والمناسبات، غير أنها لم تعد تستعمل كما في المغرب مثلا في مناسبات كثيرة خارج الأعياد الدينية الرسمية،
هناك أيضا ملابس ذات اصل تركي مثل الشاشية و أخرى امازيغية مثل القشابية وأندلسية مثل البرنوس وهو لباس رجالي أكثر.
عموما فان ملابس المغرب العربي متقاربة وان كانت بعض البلدان المغاربية متميزة أكثر بتشبثها بلباسها التقليدي وخصوصياته إلا أنها في جلها متأثرة بالحضارة العربية والأندلسية والامازيغية.
الجلابية- رمز مصري بامتياز
أما في مصر فالنساء والرجال وخاصة في الأرياف ما زالوا يحتفظون بتقليد شراء جلابية مصرية جديدة في العيد، وقد كانت سابقا بلون موحد واحد مثل الأسود أو الأبيض والرمادي، وباتت الآن تتخد ألوانا عدة وتطريزات جديدة أيضا بل باتت تتشكل كذلك من تفصيلات تشبه القفطان المغربية مثل هذه الجلابية أو العباية
الزي الفلسطيني – هوية ارض الإسراء والمعراج
أما في فلسطين فالزي التراثي الفلسطيني كان وما زال حاضرا وان كان أيضا يتعرض لبعض محاولات لطمس هويته الفلسطينيبة من قبل الصهاينة، وهو عموما زي يمثل منطقة الشام كلها، ولا يختلف عن باقي الدول الكنعانية إلا في الألوان والتطريز، والذي تمتاز به مدن كثيرة مثل القدس ويافا وبيت لحم وغزة، واهم ما يميزه هو جودة الأقمشة وأيضا الصناعة اليدوية المتقنة وتاريخه العريق يمكن معرفة المنطقة من خلال لون الثوب والتطريز بحيث أن الثوب الجبلي يخلو من التطريز بينما مناطق الساحل معروفة بالتطريز المستوحى من الإغريق واليونان وتطرز الأقمشة بشكل كثيف في منطقة بئر السبع ووسط فلسطين وتعرف رام الله بلون الكرز الأحمر ، وبئر السبع باللون البرتقالي.
ومن أجود الأزياء، أزياء أريحا وهي أقدم المدن على العارض ويتميز بتطريز طولي على امتداد الثوب ويثنى لعدة طبقات، فيما يشبه زي نابلس الأزياء الدمشقية والحلبية أيضا حتى سميت نابلس بدمشق الصغرى.
واهم ما يميز مناطق فلسطين الكوفية الفلسطينية التي بدأ بعض المصممين الإسرائيليين يسوتلون عليها حتى فاز احدهم السنة الماضية بجائزة لتصميمها مام دفع بعض المصممين الفلسطينيين من القيام بحملة للدفاع عن هوية الكوفية الفلسطينية، كونها رمزا للهوية الفلسطينية ولنضال الشعب الفلسطيني.
العباية الخليجية بين الأصالة والمعاصرة
تتميز منطقة الخليج عموما بتشبثها بالعباية الخليجية طيلة أيام السنة والإبداع فيها للمناسبات والأعياد، وقد عرفت في جل البلدان الخليجية مع اختلاف أسمائها أحيانا بلونها الأسود البسيط منذ القدم، إلا أنها بدأت تقتحم عالم العصرنة فأدخلت عليها ألوان وتطريزات جميلة بعضهم استحبها والبعض رفضها لكونها تطمس شيئا ما هوية العباية الأصلية.
البالطو اليمني لا غنى عنه
في اليمن يطلق عليها اسم "البالطو" وهي عباية طويلة سابغة مع نقاب اسود يغطي الشعر ومعظم الوجه وأصبحت الآن العبايات الحديثة تزين بتطريزات وأحجار كريمة وفصوص لامعة وهي التصميمات التي تلقى إقبالا كبيرا في اليمن خاصة أنها تصنع من أجود الأقمشة المعروفة باليمن مثل الكريب والشيفون و تخاط في صنعاء وهي مدينة معروفة بعراقة زيها وأثوابها الرائعة إلا ان معظم النساء ما زلن يملن لارتداء البالطو التقليدي الأسود مع فرق بسيط أنهن يرتدين أثواب عصرية وجينزات تحتها.
عباية العراق تاريخ لن يموت
العباية في العراق ليس لباس للعيد فقط وإنما هي رمز الهم الشعراء والمطربون فكانت سبب اشتهار أغنية عريقة تغنى بها الأجيال السابقة و بقيت عالقة إلى الآن في الأذهان هي أغنية "يم العباية حلوة عباتج"...
العباية العراقية ليست رمزا لجمال المرأة العراقية فقط وإنما هي رمز عريق في التاريخ، رمز للحرية ورمز للأرض ورمز للوطن...
لها باع طويل وصيت كبير وخاصة في مدن الجنوب والفرات الأوسط وما زالت نساء هذه المناطق ترتدي العباية تمسكا بالتقاليد والأعراف ورغم أن العباية الخليجية باتت تنافس العباية العراقية في الأسواق، إلا أن هذه الأخيرة مازالت تحتفظ بمكانتها لدى النساء العراقيات وخاصة المشغولة يدويا منها وغالبا ما تتوارث هذه المهنة عن الأسلاف، وقديما كانت تتخذ عدة مسميات من بينها "الصوف" و"الوبر" و "الحبر" و "التترون" وغيرها نسبة للمواد التي استعملت في حياكتها.
وقد يصل سعر العباية المؤلفة من الحرير الطبيعي إلى 500.000 دينار عراقي وغالبا ما تستورد المواد الخام من الهند أو الصين وحاليا أيضا من دول الخليج ولعل أسواق البصرة والزبير أكثر مناطق ترد إليهما العباية ولكن عودة سوق الشورجة إلى سابق عهده تدريجيا جعل تجار العباية يتوجهون له من جديد...
طرق ارتداء العباية مختلفة في العراق وأيضا ألوانها، فقديما كانت النساء المسلمات يرتدينها بلون أبيض فيما المناطق الصحراوية ترتدي ألوانا غامقة إلا أنها استقرت على اللون الأسود في العراق وهو نفسه المعروف في إيران غير أن "تشادور" أو "شادور" إيران مختلف عن عباية العراق فالأولى عريضة ومن قطعة واحدة بينما العراقية تكون عريضة ولكنها تتألف من قطعتين وتكون بطول المرأة.
في أرياف العراق تلفها المرأة على وسطها لكي تستطيع الحركة بطريقة سهلة وتساهم في العمل القروي إلى جانب الرجل و قد ترتديه أيضا في مراسيم العزاء...
تعد منطقة الكاظمية من اشهر مناطق بيع العبايات وخاصة لقدوم النساء لزيارة مرقد الإمام موسى الكاظم فتتبرك النساء الزائرات بشراء عباية المنطقة...
الدشداشة تميز سلطنة عمان
أما في سلطنة عمان فالزي الذي يفضل معظم الرجال الظهور به هو الدشداشة العمانية وتكون بعنق مستدير وشريط رفيع وعلى الصدر الفريخة او الكركوشة ويبقى التطريز هو ما يميز مناطق السلطنة، و يزين غالبا الحزام بخنجر وهو أمر أيضا معروف لدى أهل اليمن بحيث أن الصبي المراهق ما أن يبلغ سنا معينة حتى يرتدي ذاك الخنجر مع لباسه التقليدي في خصره احتفالا بولوجه عالم الرجال وهي أيضا عادة موجودة لدى بعض قبائل الامازيغ بالمغرب العربي والغريب أن نفس نقوش الخناجر اليمنية والعمانية متواجدة على المغربية الامازيغية.
وعموما فان الزي التقليدي الرجالي في سلطنة عمان أكثر حفاظ عليه من الزي النسائي الذي بات يشبه غالبا باقي العبايات الخليجية العصرية، إلا أن ما يميز الزي التقليدي النسائي بسلطنة عمان هو اختلافه عن باقي العبايات الخليجية بحيث انه ومنذ البداية كان غنيا بألوانه وأنيقا في تصميماته مع احتفاظه بطابع الاحتشام، كما انه مختلف ومتنوع من منطقة لأخرى تماما مثل الزي الفلسطيني، وتتميز العباية العمانية بشريط لاصق على الجانب الأيسر والزي الذي كان معروفا سابقا يختلف عن العباية أيضا بكونه قطعة قماش كبيرة توضع على ألراس وتزين أطرافها بما يسمى الحضية وهو يشبه الدانتيل الآن وهذا الثوب يسمى الليسو
السعودية- أناقتنا في أصالتنا
أما في السعودية فالزي التقليدي ليس عرفا فقط وإنما طقس ديني، فاللون الأسود بالنسبة لنساء المملكة لا يمكن الاستغناء عليه رغم ظهور ألوان متعددة غير أن هناك أنواع عديدة من العبايات اقتحمت السوق السعودي منها العباية العمانية والتي تتميز بشريط لاصق على الكتف الأيسر وما يعرف بالعباية الفرنسية ذات الخصر المحدد والصدر الضيق وأيضا العباية المغربية وهي تشبه القفطان المغربي وتتميز بالتطريز وذلك عباية الفراشة وتبقى عباية الرأس ذات اللون الأسود أكثر ما يتم طلبه واقتناءه في المملكة خاصة وأنها وفق بعض التجار لا تميز بين الطبقات مع اختلاف الأقمشة وتسمى في بعض المناطق "الرداء" و هي نوعين ، فيها المؤلفة من قطعة مستطيلة من القماش الأسود مثل الملاية والجزء السفلي مطرز بخيوط البريسم الحمراء و الثانية بتطريز ذهبي وتسمى البروجي
الإمارات – ثورة العباية العصرية
أما أهل الإمارات فلم يستغنوا عن العباية ولكن جعلوها لباسا لأرقى المناسبات والسهرات والحفلات، فدبي وأبو ظبي باتتا تعرفان ارقي محلات تصميم العباية الراقية، بل استطاع مصممو العباية في الإمارات أن يجعلوا منها زيا عالميا، فحتى وإن كانت الألوان والقصات قد ابتعدت كثيرا عن اصل العباية الخليجية إلا انه لا احد يمكنه أن ينكر أن العباية بالإمارات عرفت تطورا ملحوظا جعلها مرغوبة من قبل كل النساء في جل أنحاء العالم العربي، إلا أنها أيضا المكان الذي يمكنه أن تقتني فيه أعلى العبايات سعرا...
ومع اختلاف التصميمات والقصات والأقمشة والأسعار، يبقى للعباية مكانها البارز في أعياد العرب ومناسباتهم...