Top Ad

logo

هذا القالب هو معرب ومطور بواسطة مدونة مداد الجليد للحصول على دعم حول هذا القالب الرجاء زيارة مدونة مداد الجليد.

الخميس، 31 يوليو 2014

المقاربة التشاركية في التجربة المغربية

المقاربة التشاركية في التجربة المغربية

نجيب المصمودي
باحث في القانون العام
متخصص في تدبير الشأن العام المحلي

30 يوليوز 2014

الديمقراطية من أكثر المفاهيم تداولا وغموضا، فيصعب ضبط مفهومها خاصة وأنها خاضعة لمقاربات ووضعيات متعددة، فهي في الأغلب تدل على الممارسة القائمة على المشروعية المستمدة من الشعب، كما تدل على نموذج غائي تدعي أغلب التنظيمات والشعوب السعي إليه.
ونشأة الديمقراطية قديمة جدا أهم ما وصلنا من الفكر والممارسة الديمقراطية هي الديمقراطية اليونانية لتتطور بعد ذلك عبر التفكير والممارسة عبر تطور الحضارات المختلفة للشعوب والأمم، لتتنوع أشكالها بين الديمقراطية المباشرة والديمقراطية نصف المباشرة والديمقراطية التمثيلية وصولا إلى الديمقراطية التشاركية، والأخيرة تعتبر من أهم نتائج التفكير والممارسة الديمقراطي الحديثة والمعاصرة التي تتغنى بها مراكز التفكير والبحث وكذا غاية ما تطمح إلى تطبيقه وممارسته التنظيمات والشعوب، من أجل تصحيح أعطاب ونقائص الديمقراطية التمثيلية وإيجاد الحلول لمختلف القضايا الإجتماعية والتنموية... من خلال الإشراك الفعلي ومشاركة مختلف الفاعلين والمتدخلين بشكل دائم ومستمر، على رأسهم المجتمع المدني والمواطنين.
أولا: نشأة وتطور الديمقراطية التشاركية
تشير مختلف الدراسات الى أن الديمقراطية التشاركية في العصر الحديث يرجع الفضل في بروزها إلى علماء ومفكري الولايات المتحدة الأمريكية خلال فترة الستينيات من القرن 20، من أجل معالجة استفحال ظواهر الفقر والتهميش،
أما في أوروبا الغربية، فكان إبرازها من خلال مؤتمر للإتحاد الأوروبي حول الديمقراطية التشاركية المنعقد بالعاصمة البلجيكية بتاريخ 8 و9 من مارس 2004، تم التأكيد خلاله على أن الديمقراطية الأوربية في أزمة: حصيلة يتقاسمها الكل، وأن الديمقراطية التشاركية هي الحل لهذه الأزمة وقيمة مضافة لدول الإتحاد الأوروبي، ويجب على الديمقراطية التشاركية أن تضخ دما جديدا لتكمل الديمقراطية التمثيلية وتنمية وترسيخ التعاون مع باقي الشركاء الإجتماعيين [1].
وفي فرنسا تم إقرار أجرأة مبادئ الديمقراطية التشاركية من خلال إصدار قانون 27 فبراير 2002 المتعلق بديمقراطية القرب الذي اشترط في فصله الأول من الباب المتعلق بمشاركة السكان في الشؤون المحلية إحداث مجالس الأحياء بالمدن التي تتجاوز ساكنتها 80000 نسمة، لكن سبقت ذلك تجربة حل النزاعات التي اندلعت حول خطوط القطار الفائق السرعة (TGV) في سنة 1992 [2].
أما تاريخ الديمقراطية التشاركية المتجلية في "الإعتراض الشعبي" و"المبادرة التشريعية أو الإقتراح الشعبي"، قديمة: الأولى عرفت في العهد الفرعوني في مصر سنة 2026 قبل الميلاد، وفي اليونان كانت تسمى حق مخاطبة السلطات العمومية، كما نص عليها العهد الأعظم "ماكنا كارتا: بإنجلترا سنة 1215 إبان حكم الملك الإستبدادي جون، ونص عليها الدستور الأمريكي سنة 1776، ويأخذ بها الإتحاد السويسري منذ 1874، أما فرنسا فقد استعملتها منذ سنة 1830 وأكد عليها دستور 2008، وكذلك في ألمانيا والإتحاد الأوروبي [3]؛ أما الثانيةفتأخذ بها دول كسويسرا والولايات المتحدة الأمريكية، أما في فرنسا لم يكفل هذا الحق إلا مع الثوة الفرنسية لسنة 1789، ومنذ التعديل الدستوري لسنة 2003 تم الإعتراف بالإقتراح الشعبي على المستوى الجهوي والمحلي [4].
من خلال ما سبق يتبين لنا أن نشأة الديمقراطية التشاركية كانت لها عدة مبررات نذكر منها:
1-      استفحال مظاهر الفقر والتهميش والإقصاء وعجز الديمقراطية التمثيلية عن معالجة كل ذلك لأنها لا توفر الإمكانية لذلك، لأن من خلال الديمقراطية التشاركية تتوفر أساليب وآليات الحوار والتشاور والإشراك بشكل دائم ومستمر وغير منقطع مع منظما المجتمع المدني والموطنين بشأن كيفية تدبير الشأن العام وصنع القرار الكفيل لمواجهة التحديات المطروحة وخاصة على الصعيد المحلي، والحصيلة هي خلق نخبة محلية من المواطنين العاديين تكون لها القدرة والقوة لطرح الحلول الملائمة للمشاكل المطروحة ولمواجهة النخبة المهيمنة محليا والمتكونة من القوى الضاغطة والفاعلين في الحقل المحلي؛
2-      استنفاذ الديمقراطية التمثيلية لإمكانياتها ووقوعها في أعطاب وأزمات وعدم قدرتها على مسايرة التطور الحاصل في المجتمع، مما فرض إحلال إمكانيات ومقومات الديمقراطية التشاركية مكانها أو لتكملتها لتكون حلا لهذه الأزمات وتقويما للأعطاب ولتضخ دما جديدا بها، وتنمية وترسيخ التعاون والتشارك مع باقي الشركاء والمتدخلين؛
3-      إيجاد الحلول للمشاريع الكبرى والتي تواجه معارضة قوية عند تنفيذها واستخلاص الملاحظات الإيجابية والسلبية حول المشروع والكفيلة بتطويره في نهاية الأمر، وذلك عبر المشاركة، الحوار، التشاور والإشراك...؛
4-      إشراك ومشاركة مختلف الفاعلين وعلى رأسهم المجتمع المدني والمواطنين وخاصة محليا في الإعداد والتفعيل والتنفيذ والتقييم والتقويم للسياسات العمومية من أجل إيجاد الحلول لمختلف القضايا الإجتماعية والتنموية...؛
5-      فشل التسيير والتدبير الأحادي والممركز من طرف الدولة، مما نتج عنه استفحال مظاهر الفساد المتنوع والمشاكل المتعددة وخاصة الإجتماعية منها، مما اضطر الدولة التخلي عن مجموعة من الإختصاصات والمهام ونهج المقاربة التشاركية للإشراك الدائم لمختلف الفاعلين والمتدخلين وعلى رأسهم المواطنين، لتصحيح الأعطاب السابقة وتوزيع المسؤوليات من أجل تنمية شاملة مندمجة ومستمرة.... 
                         I.            تحديد مفهوم الديمقراطية التشاركية
تعرف الديمقراطية التشاركية بأنها "نظام يمكن من مشاركة المواطنين في صنع القرارات السياسية ذات الأولويات بالنسبة إليهم عن طريق التفاعل المباشر والمستمر مع السلطات القائمة بشأن المشكلات والقضايا المطروحة، وتتبنى مفهوما جوهريا يأخذ بعين الإعتبار دور المواطنين في المشاركة في صنع القرار السياسي وتدبير الشأن العام، كما أنها تتسم بالتفاعل بين المواطنين والحكومات أو المستشارين المحليين بشكل دائم ومستمر"، وأنها مكملة للديمقراطية التمثيلية، هذا التصور الأخير لم يوجد اتفاق بشأنه، فحسب "انطوني جيدنر" عالم الإجتماع البريطاني أن الديمقراطية التشاركية "ليست امتداد للديمقراطية التمثيلية أو الديمقراطية الليبرالية ولا حتى مكملة لها ولكنها من خلال التطبيق تخلق صيغا للتبادل الإجتماعي، وتساهم موضوعيا وربما بشكل حاسم في إعادة بناء التضامن الإجتماعي" [5].
وتتجلى أهم مظاهر الديمقراطية التشاركية في الإستفتاء والإعتراض الشعبي والمبادرة التشريعية أو الإقتراح الشعبي:
·          فالإعتراض الشعبيى يتمثل في أن الدستور ينص على إمكانية حق الإعتراض لعدد من المواطنين خلال مدة محددة على قانون أو قرار للحكومة أو من أجل تعديل دستوري، ويكون من نتائجه إيقاف العمل بهذا القانون أو القرار أو تعديله مؤقتا إلى حين عرضه على الإستفتاء لمعرفة رأي الشعب فيه [6].
·          أما المبادرة التشريعية فإن الدستور يتيح للشعب إمكانية اتخاذ المبادرة لاقتراح التعديلات الدستورية أو القوانين التشريعية وفق شروط وضوابط محددة، ويمكن أن يكون الإقتراح مجرد فكرة تصوغه السلطة المختصة صياغة دقيقة، أويتم كتابته وصياغته من طرف الشعب [7].
                      II.            التمييز بين الديمقراطية التشاركية والديمقراطية التمثيلية
الديمقراطية التمثيلية حسب "انطوني جيدنر" هي "صيغة لنظام حكم يتسم بانتخابات منتظمة وبالإقتراع العام وبحرية الفكر والحق العام في الترشح للمناصب العامة وتشكيل روابط سياسية، وهي الحكم بواسطة جماعات تفصل بينها وبين الناخب العادي ويخضع غالبا لهيمنة - اهتمامات - سياسية حزبية فالديمقراطية التمثيلية وفق تصوره هي وليدة الديمقراطية الليبرالية التي ارتبطت بنشأة دولة الرفاه والدولة الأمة فيما بعد الحرب العالمية الثانية وأن الهدف هو تقاسم المخاطر بين الحاكمين والمحكومين الناجمة عن الحربين العالميتين، حيث أن المدافعين عن الليبرالية الديمقراطية وجدوا ضالتهم في الترويج لها عند انهيار الأنظمة الإستبدادية والشمولية في اروبا الشرقية"، حيث يناقش الباحث السالف الذكر في كتابه "بعيدا عن اليسار واليمين، مستقبل السياسات الراديكالية" [8] أن "بزوغ الديمقراطية التمثيلية كحكم ارتبط بنشأة الدولة الأمة وبدولة الرفاه للإجابة عن مخاطر الحروب وكيفية إدارة ذلك من خلال التضامن بين فئات المجتمع، وأن الديمقراطية التشاركية/أو التداولية / أو الحوار، هي جواب بديل أو رد عن مخاطر الليبرالية الجديدة المتطرفة التي تنادي بتقليص دولة الرعاية الإجتماعية وأن الدولة هي العدو ويجب عليها أن لا تتدخل، وأن من نتائج الديمقراطية التشاركية درء المخاطر و الإشراك الفعلي والمستمر للمواطنين في تدبير الشأن العام لمواجهة التحديات التي تطرحها العولمة المتوحشة" [9].
ثانيا: المقاربة التشاركية في التجربة المغربية [10]


 
يؤكد الدستور المغربي الجديد لفاتح يوليوز2011 [11]، على تفعيل المقاربة التشاركية في الإعداد والتفعيل والتنفيذ والتقييم للسياسات العمومية، وهي أساس الديموقراطية التشاركية التي يؤصل لها، وتعتبر شكلا متقدما للديمقراطية وتجسيدا للمواطنة الحقة، كما أنها واقع تفرضه ظروف تطور المجتمع وتنوع حاجياته وتعقدها في الألفية الثالثة.
تجلت الديموقراطية التشاركية قبل فاتح يوليز2011، بشكل محتشم وجد متواضع، داخل التجربة المغربية رغم وجود أرضية قانونية، لكن بروزها كان له ارتباط بديناميتين [12]:
·          الأولى تتعلق بتزايد الطلب المجتمعي والمدني على المشاركة خاصة على الصعيد المحلي؛
·     والثانية تتعلق بإرهاصات النزوع التشاوري والتشاركي لبعض السياسات العمومية، كالحوار الوطني لإعداد التراب، والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، الحوار حول الجهوية الموسعة، الحوار حول إصلاح منظومة العدالة، الحوار حول المجتمع المدني، الحكامة الجيدة، الحوار حول القضايا الإجتماعية والحقوقية... وصولا إلى الحوار من أجل الإصلاح الدستوري لفاتح يوليز 2011، وحوارات أخرى لاحقة.
                         I.            المقاربة التشاركية في الميثاق الجماعي
أهم تجليات للمقاربة التشاركية قبل فاتح يوليز 2011، تجلت في قانون الميثاق الجماعي رقم 17.08، رغم أنها بشكل متواضع، نشير منها إلى:
·           تنص المادة 36 من القانون رقم  17.08 المتعلق بالميثاق الجماعي، على المجلس الجماعي إعداد المخطط الجماعي للتنمية وفق منهج تشاركي، كما يمكنه إبرام اتفاقيات للتعاون والشراكة؛
·          أما المادة 38 تنص على تشجيع إحداث التعاونيات السكنية وجمعيات الأحياء؛
·          و المادة 41 منه يؤكد على دور المجلس الجماعي، القيام بكل عمل من أجل تعبئة المواطن قصد تنمية الوعي والممارسة الجمعوية من أجل المصلحة العامة... وإنعاش كل الأنشطة المختلفة...، وإبرام الشراكات مع المنظمات الغير الحكومية...؛
·          كما تنص المادة 42 على الإختصاصات المرتبطة بالتعاون والشراكة التي من شأنها أن تنعش التنمية الإقتصادية والإجتماعية والثقافية للجماعة...؛
·          والمادة 78 كذلك تتضمن إبرام الجماعات المحلية اتفاقيات التعاون والشراكة...؛
·          في حين المادة 14 تتضمن الصيغة الوحيدة لإشراك الجمعيات في القرار الجماعي خارج إمكانيات الشراكة والدعم أو المساندة في إطار "لجنة المساواة وتكافؤ الفرص" وهي لجنة استشارية يرأسها رئيس المجلس الجماعي أو من ينوب عنه، ويعد جدول أعمالها [13].
                      II.            المقاربة التشاركية في تقرير اللجنة الإشتشارية للجهوية الموسعة 
أما على الصعيد الجهوي فإن تقرير اللجنة الإشتشارية للجهوية الموسعة تضمن عدة توصيات بخصوص الديموقراطية التشاركيةمنها:
·          على المجلس الجهوي وضع آليات استشارية لتيسير المشاركة المنظمة والمسؤولة للمواطنين في إعداد المخططات الجهوية للتنمية، والمشاريع الكبيرة، وذلك من خلال لقاءات واستطلاعات وغيرها؛
·          التنظيم القانوني لطرق تعبير المواطنين عن حاجياتهم وتطلعاتهم فيما يمس حياتهم اليومية ويغني جهتهم، ويدخل في ذلك رفع العرائض المقننة؛
·          وضع آلية للحوار والتشاور مع الجمعيات المؤهلة وفق معايير موضوعية، بقصد تطوير مشاركتها في عمليات التصور والتتبع والتقييم لمخططات التنمية الجهوية؛
·          صياغة إطار مرجعي يحدد المبادئ والشروط والأساليب التي تقوم عليها الشراكة مع الجمعيات المؤهلة، مع مراعاة مواقع وأدوار كافة الأطراف المعنية، وتنظيم شروط منح وتقييم الدعم للجمعيات الحاملة للمشاريع ضمن تلك الشراكة؛
·          حرص المجلس الجهوي على الإصغاء للقطاع الخاص والسهر على إشراك الفاعلين داخله في وضع التصورات وتنفيذ المخططات والبرامج والمشاريع التنموية وتوفير المناخ الأمثل للإستثمار وخلق مناصب للشغل ورواج الأعمال [14].
وهذه التوصيات ستتضمن في التعديل الدستوري لفاتح يوليوز 2011.
                  III.            المقاربة التشاركية في دستور فاتح يوليوز 2011
 أما دستور فاتح يوليوز 2011، من أهم ما أتى به التوجهات الأساسية للديمقراطية التشاركية، حيث اعتبرها:
·          في تصديره من أهم "مرتكزات الدولة الحديثة"؛
·          واعتبرها الفصل الأول إحدى مقومات النظام الدستوري للمملكة إلى جانب فصل السلط وتوازنها وتعاونها، مبادئ الحكامة الجيدة، وربط المسؤولية بالمحاسبة؛
·          ليضع الفصل 12 الإطار العام لهذا المقوم، إذ بعد الإقرار بمبدأ الحرية كقاعدة لتأسيس الجمعيات والمنظمات غير الحكومية وممارستها ثم ضمانة الحل القضائي، والتنصيص على مساهمة الجمعيات المهتمة بالشأن العام والمنظمات غير الحكومية ضمن سياق الديموقراطية التشاركية في: إعداد قرارات ومشاريع لدى المؤسسات المنتخبة والسلطات العمومية، تفعيل وتقييم هذه القرارات؛
·          وذلك وفق شروط يحددها القانون التنظيمي؛
والمقاربة التشاركية في الدستور المغربي موزعة بين المستويين الوطني والترابي:
1-       فعلى الصعيد الوطني يتعلق الأمر بالتنصيص على "هيئات للتشاور لدى السلطات العمومية"، و"الحق في تقديم الملتمسات في مجال التشريع (البادرة التشريعية الشعبية)" ثم "حق تقديم العرائض (العريضة الشعبية)":
·          فالفصل 13 يدعو "السلطات العمومية لإحداث هيئات للتشاور، قصد إشراك مختلف الفاعلين الإجتماعيين، في إعداد السياسات العمومية وتفعيلها وتنفيذها وتقييمها"؛
·          أما الفصل 14 فإنه يوكد على "الحق في تقديم ملتمسات في مجال التشريع"؛
·          والفصل 15 يمنح "الحق في تقديم عرائض إلى السلطات العمومية "؛
·          ويحدد قانون تنظيمي شروط وكيفيات ممارسة الحقين الأخيرين في الفصلين 14 و15.
2-       أما على المستوى الترابي:
·          فإن الفصل 136 من الدستور يضع الإطار العام للديموقراطية التشاركية على المستوى الترابي، إذ اعتبر أن التنظيم "الجهوي والترابي من شأنه تأمين مشاركة السكان المعنيين في تدبير شؤونهم، والرفع من مساهمتهم في التنمية البشرية المندمجة"؛
·          أما الفصل 139 فإنه وضع على عاتق "مجالس الجهات والجماعات الترابية الأخرى، وضع آليات تشاركية للحوار والتشاور، لتيسير مساهمة المواطنين والمواطنات والجمعيات في إعداد برامج التنمية وتتبعها، ويمكن للمواطنات والمواطنين والجمعيات تقديم عرائض، الهدف منها مطالبة المجلس بإدراج نقطة تدخل في اختصاصه ضمن جدول أعماله"؛
·          ويوضح الفصل 146 من الدستور أن شروط تقديم العرائض يجب أن يحددها قانون تنظيمي.
3-      ومن الآليات الجديدة لتفعيل المقاربة التشاركية ما أكد عليه الدستور الجديد:
·          في الفصل 170، حيث "ﻳﻌﺘﺒﺮ ﺍﻟﻤﺠﻠﺲ ﺍلإﺳﺘﺸﺎﺭﻱ ﻟﻠﺸﺒﺎﺏ ﻭﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﺠﻤﻌﻮﻱ، ﺍﻟﻤﺤﺪﺙ ﺑﻤﻮﺟﺐ ﺍﻟﻔﺼﻞ 33 ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭ، ﻫﻴﺄﺓ ﺍﺳﺘﺸﺎﺭﻳﺔ ﻓﻲ ﻣﻴﺎﺩﻳﻦ ﺣﻤﺎﻳﺔ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﻭﺍﻟﻨﻬﻮﺽ ﺑﺘﻄﻮﻳﺮ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺠﻤﻌﻮﻳﺔ. ﻭﻫﻮ ﻣﻜﻠﻒ ﺑﺪﺭﺍﺳﺔ ﻭﺗﺘﺒﻊ ﺍﻟﻤﺴﺎﺋﻞ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻬﻢ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻴﺎﺩﻳﻦ، ﻭﺗﻘﺪﻳﻢ ﺍﻗﺘﺮﺍﺣﺎﺕ ﺣﻮﻝ ﻛﻞ ﻣﻮﺿﻮﻉ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻭﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻭﺛﻘﺎﻓﻲ، ﻳﻬﻢ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ ﺍﻟﻨﻬﻮﺽ ﺑﺄﻭﺿﺎﻉ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﻭﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﺠﻤﻌﻮﻱ، ﻭﺗﻨﻤﻴﺔ ﻃﺎﻗﺎﺗﻬﻢ ﺍﻹﺑﺪﺍﻋﻴﺔ، ﻭﺗﺤﻔﻴﺰﻫﻢ ﻋﻠﻰ ﺍلإﻧﺨﺮﺍﻁ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ، ﺑﺮﻭﺡ ﺍﻟﻤﻮﺍﻃﻨﺔ ﺍﻟﻤﺴﺆﻭﻟﺔ"، وهذا يندرج في إطار منطق المأسسة الذي يهدف إليه المغرب بدل "الشخصنة"، على اعتبار أن المأسسة تضمن الإستمرارية وتدفع الشباب والمواطن بصورة عامة إلى الإنخراط في الحياة العامة؛
·          وكذلك ينص ﺍﻟﻔﺼﻞ 27 على "الحق في الحصول عى المعلومة ﺍﻟﻤﻮﺟﻮﺩﺓ ﻓﻲ ﺣﻮﺯﺓ ﺍﻹﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟﻌﻤﻮﻣﻴﺔ، ﻭﺍﻟﻤﺆﺳﺴﺎﺕ ﺍﻟﻤﻨﺘﺨﺒﺔ، ﻭﺍﻟﻬﻴﺌﺎﺕ ﺍﻟﻤﻜﻠﻔﺔ ﺑﻤﻬﺎﻡ ﺍﻟﻤﺮﻓﻖ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﻘﻴﻴﺪ ﺍﻟﺤﻖ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺔ ﺇﻻ ﺑﻤﻘﺘﻀﻰ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ، ﺑﻬﺪﻑ ﺣﻤﺎﻳﺔ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﺪﻓﺎﻉ ﺍﻟﻮﻃﻨﻲ، ﻭﺣﻤﺎﻳﺔ ﺃﻣﻦ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻲ ﻭﺍﻟﺨﺎﺭﺟﻲ، ﻭﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ ﻟﻸﻓﺮﺍﺩ، ﻭﻛﺬﺍ ﺍﻟﻮﻗﺎﻳﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺲ ﺑﺎﻟﺤﺮﻳﺎﺕ ﻭﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﺍﻟﻤﻨﺼﻮﺹ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭ، ﻭﺣﻤﺎﻳﺔ ﻣﺼﺎﺩﺭ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺕ ﻭﺍﻟﻤﺠﺎﻻﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺤﺪﺩﻫﺎ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺑﺪﻗﺔ"، حيث يدخل هذا الحق قي خانة الحقوق الشعبية، والحقوق التي تكرس فكرة الديموقراطية التشاركية، لأن المواطن لا يمكنه المساهمة في تدبير الشأن العام، إلا من خلال آليات عملية، من ضمنها حصوله على المعلومات لتمكينه من تتبع الشأن العام، وبالتالي المساهمة فيه بشكل أو بآخر [15].
خلاصة
وبذلك فإن الديموقراطية (المقاربة) التشاركية، هي وسيلة جديدة من أجل المشاركة المستمرة والدائمة من طرف مختلف الفاعلين وخصوصا المجتمع المدني والمواطنين، في الإعداد والتفعيل والتنفيذ والتقييم للسياسات العمومية، وتكريس قيم الحكامة الجيدة وعلى رأسها مبدأ المحاسبة، كما أنها نظام للحكم الجيد واعادة الثقة في السياسات الحكومية، وأن من نتائجها التحاور وإيجاد الحلول للمشاريع التي تلقى معارضة قوية من طرف المجتمع، وأنها طريقة للتقويم والتتبع والمراقبة الشعبية، وأنها كذلك عملية لترميم الديمقراطية التمثيلية، فالديمقراطية التشاركية تجعل من المواطن العادي في قلب أهتماماتها، وأن للمبادرات الشعبية ويتعلق الأمر بالعريضة والملتمسات الأكثر انتشارا لتفعيل الديمقراطية التشاركية [16]. 
لكن يجب أن نؤكد بأن الديموقراطية التشاركية التي يتبناها الدستور المغربي، لا يمكن أن تكون بديلا عن الديموقراطية التمثيلية الغير المكتملة والتي تجر معها تاريخا من الأعطاب والنقائص، بقدر ما يجعل من الشكلين مجتمعين بديلا مفترضا لواقع عنيد هو واقع اللامشاركة والعزوف واللاتسييس والسخط الإجتماعي [17].



المراجع والهوامش
[1]-  LA DEMOCRATIEPARTICIPATIVE, état des lieux et premiers éléments de bilan, synthèse réalisée par Cédric Polère. Voir : www.millenaire.com, document en PDF.
[2]- voir circulaire du 15 dec 1992 relative à la conduite des grands projets nationaux d’infrastructure, in (ligifranec,gouv.fr).
[3]- د. كريم لحرش، الدستور الجديد للمملكة المغربية، شرح وتحليل، سلسلة العمل التشريعي والإجتهاد القضائي، العدد 3، الطبعة 1، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 2012، ص. 31- 32.
[4]- د. عكاشة بن المصطفى، آليات الديموقراطية المباشرة في دستور 2011، ضمن كتاب جماعي: دستور 2011: النص والبيئة السياسية، سلسلة بدائل قانونية وسياسية، العدد 2، ط. 1، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط، 2014، ص. 73.
[5]-  انطوني غيدنز، بعيدا عن اليسار واليمين، مستقبل السياسات الراديكالية، (ترجمة شوقي جلال)، عالم المعرفة، عدد 286، اكتوبر 2002.
[6]- د. رقية المصدق، القانون الدستوري والمؤسسات السياسية، الجزء الأول، دار توبقال للنشر، الدار البيضاء، 1986، ص. 132- 133.
[7]- د. عكاشة بن المصطفى، آليات الديموقراطية المباشرة في دستور 2011، نقس المرجع السابق، ص. 72.
[8]-  انطوني غيدنز، بعيدا عن اليسار واليمين، مستقبل السياسات الراديكالية، نفس المرجع السابق.
[9]- اليفر شيفر، انهيار الرأسمالية، أسباب إخفاق السوق المحررة من القيود، (ترجمة د. عدنان عباس علي)، سلسلة عالم المعرفة، عدد 371، يناير 2010.
[10] نجيب المصمودي، الجماعات الترابية بالمغرب بين مقومات التسويق الترابي ورهان التنمية المحلية المندمجة، سلسلة الحكامة الترابية ودراسة السياسات (COGOTEP)، العدد 1، ط. 1، مطبعة الخليج العربي، تطوان، يونيو 2014، الصفحات من 110 إلى 115.
[11]-  ظهير شريف رقم 91- 11- 1 صادر في 27 من شعبان 1432، الموافق ل 29 يوليوز 2011، بتنفيذ نص الدستور، ج. ر. عدد 5964 مكرر بتاريخ 30 يوليوز 2011، ص. 3600.
[12]- د. حسن طارق، السياسات العمومية في الدستور المغربي الجديد، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، سلسلة مؤلفات وأعمال جامعية، عدد 92، ط. 1، دار المعارف الرباط، 2012، ص. 48.
[13]- القانون رقم 17.08 المتعلق بالميثاق الجماعي، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف 153. 08. 1 بتاريخ 18 فبراير 2009.
[14]- تقرير اللجنة الإستشارية للجهوية حول الجهوية المتقدمة، الكتاب الأول، التصور العام، ص. 21- 22.
[15]- د. عكاشة بن المصطفى، آليات الديموقراطية المباشرة في دستور 2011، نفس المرجع السابق،  ص. 79، 82.
[16]- عبدالرحمان مغاري، الديمقراطية التشاركية من خلال دستور 2011 : مدخل لفهم العريضة المقدمة إلى السلطات العمومية وتقديم الملتمسات في مجال التشريع، عبر الرايط الإلكترني التالي:          http://www.marocdroit.com.
[17]- د. حسن طارق، السياسات العمومية في الدستور المغربي الجديد، نفس المرجع السابق، من ص. 47 إلى ص. 57.

إرسال تعليق

بالصوت والصورة

قصص وعبر

ركن النساء

 
copyright © 2014 نجمة نيوز