Top Ad

logo

هذا القالب هو معرب ومطور بواسطة مدونة مداد الجليد للحصول على دعم حول هذا القالب الرجاء زيارة مدونة مداد الجليد.

الأربعاء، 2 يوليو 2014

حقوق الإنسان بين حصيلة التجربة المغربية وانتظارات المجتمع المدني 5/1

        نجيب المصمودي
       باحث في القانون العام
      متخصص في تدبير الشأن العام المحلي
   najib.elmasmoudi@gmail.com        

حقوق الإنسان بين حصيلة التجربة المغربية وانتظارات المجتمع  المدني  5/1


مفهوم حقوق الإنسان والحريات بين التكامل والإندماج:
أول ما يعترض الباحث [1] في هذا الباب هو صعوبة إيجاد تعريف محدد وشامل ومتفق عليه لمفهومي حقوق الإنسان والحريات، لكن على الأرجح فإن:
«إصطلاح حقوق الإنسان يعني حرية الأشخاص على قدم المساواة، ودون أي تمييز بينهم لأي اعتبار في التمتع بالمزايا التي تخولها لهم الطبيعة الإنسانية، وتقرها مبادئ العدالة وفي تلبية حاجاتهم المختلفة، بما يتلاءم مع ظروف كل عصر، ولا يضر بحقوق الآخرين، والقانون هو الذي يبين الحدود الفاصلة بين حقوق الفرد وحقوق الآخرين سواء كانوا أفرادا أو جماعات» [2].
وتجدر الإشارة إلى أن منظمة الأمم المتحدة، درجت على وصف «حقوق الإنسان باعتبارها تلك الحقوق المتأصلة في طبيعتها البشرية، والتي بدونها يستحيل علينا أن نحيا كبشر» [3].
أما «الحرية فهي صفة لصيقة بالإنسان وحق يتمتع به بالطبيعة وهي تعني بأن الفرد يفعل ما يريد وبالشكل الذي يريد دون أن يمس ذلك بحرية الآخرين، أما الحريات العامة فهي مرتبطة بالقانون الوضعي وتعني مجموعة من القوانين التي تضبط علاقات الإنسان في المجتمع والتي يجب التصرف على أساسها والتي يعتبر الخارج عنها معاقب عنه طبقا للقانون الصادر عن السلطات الراجع إليها أمر إصداره» [4].
كما أن الحرية بمفهومها العام تشكل العمود الفقري في المنظومة الحقوقية، وتندرج ضمن المقومات الرئيسية للمجتمع الديمقراطي، وتعد عنصرا أساسيا لإتاحة المجال للإبداع والخلق، ولا يمكن بدونها تحقيق التطور والتقدم في حياة الإنسان: وهي لا تنتج كل ما تنطوي عليه من قيم ومزايا إلا بارتباطها الوثيق مع  المسؤولية التي يحدد مداها القانون [5].
والواقع أن ضمان الحقوق والحريات يعبر عن مدى مشروعية النظام السياسي، إذ لا يمكن لأي نظام سياسي أن يعتبر ديمقراطيا إلا إذا عمل على احترام هذه الحقوق وعمل على ضمان ممارستها على أحسن وجه، خاصة وأن دور القضاء يبقى محدودا ورهينا بمستوى التشريع الملزم بتطبيقه في القضايا المعروضة عليه [6] كما تعد مسألة احترام حقوق الإنسان والحريات، عنصرا جوهريا ودعامة أساسية في دولة الحق والقانون.

تطور حقوق الإنسان في المغرب:
إذا كانت العديد من المواثيق الدولية تسعى إلى احترام كرامة الإنسان، وحفظ حقوقه، فإن المغرب حاول أن يسير على هذا النهج وذلك على اعتبار أن: «حقوق الإنسان تكون منظومة ثقافية تفترض حرية الإنسان مثلما أنها بنية قانونية لترسيم وترسيخ هذه الحرية، وبيان حدودها وتقاطعاتها، وهي أيضا منظومة أخلاقية تدعو إلى مراعاة هذه السمة الأساسية للإنسان وإلى دعمها وتنميتها»، إضافة إلى أن لها ارتباطا وثيقا بتاريخ الدولة وهو ما يجعلنا نؤكد على أن احتواء الدستور الحالي على باب خاص بالحريات والحقوق الأساسية، وهو الباب الثاني من دستور فاتح يوليوز 2011، والعديد من الفصول في أبواب أخرى من نفس الدستور، مرتبطة بحماية الحقوق والحريات، لا يعني فقط الإستجابة للمواثيق الدولية، أو نتيجة المصادقة على بعضها، بل هو نتاج لتطورات تاريخية ونضالات نخبة من العلماء والفقهاء والساسة، ومنظمات المجتمع المدني، والحركات الاحتجاجية كحركة 20 فبراير، من أجل تطوير النظام السياسي والحقوقي بالمغرب[7].
فالمغرب منذ بداية استقلاله إلى الآن أصدر واعتمد عدة نصوص قانونية تتضمن حماية الحقوق والحريات، كقانون النقابات المنظم بموجب ظهير 16 يوليوز 1957، وظهائر الحريات العامة المؤرخة في 15 نونبر 1958 والمتعلقة بتأسيس الجمعيات والتجمعات العمومية، المعدل والمتمم في 1973 و 2002 و 2009، وقانون الصحافة والنشر في 15 نونبر 1958 المعدل والمتمم في 03 أكتوبر 2002، وصدور القانون التنظيمي المتعلق بالأحزاب السياسية في 20 فبراير 2006 المعدل في 22 أكتوبر 2011،... وكذا ما تضمنه أول دستور مغربي والدساتير اللاحقة له والتي تضمنت مجموعة من الحريات والحقوق، ونصوص أخرى جديدة ومهمة، والتي شكلت مكسبا للمواطن المغربي وللدولة المغربية [8].
وانسجاما مع توجهه الحثيث في ترسيمه دعائم دولة الحق والقانون عرف المغرب منذ 1990 ميلاد مؤسسات جديدة تعنى بحقوق الإنسان، تم إحداثها لتعزيز الأجهزة والآليات القائمة سواء منها القضائية أو الإدارية أو غير الرسمية والمستقلة [9]، ونذكر منها  على سبيل المثال:
1.  إنشاء المجلس الإستشاري لحقوق الإنسان من طرف الملك الراحل الحسن الثاني في 08 ماي 1990م بداية الدفع بالحقل الحقوقي، ومحطة تأسيسية هامة طبعت الإنتقال إلى إستراتيجية التكيف الرئيسي في النظام السياسي المغربي على صياغة إجابة عمومية عن المشكلة الحقوقية، سواء على مستوى تحديد الأهداف السياسية التي سيتم إتباعها، أو على مستوى رسم حدودها؛
2.  منذ هذا التاريخ، تزايد الإهتمام بالمجال الحقوقي، بحيث تم إحداث عدة مؤسسات ترتبط بالمجال، نذكر من ذلك: إحداث المجلس الوطني للشباب والمستقبل سنة 1991، إنشاء المحاكم الإدارية سنة 1993 وإحداث محاكم الإستئناف الإدارية سنة 2006، إحداث المحاكم التجارية ومحاكم الإستئناف التجارية في 12 فبراير 1997،  إحداث مديرية الحريات العامة بوزارة الداخلية سنة 1993، إنشاء وزارة مكلفة بحقوق الإنسان سنة 1993...، إلغاء ظهير 28 يونيو 1935 المتعلق بزجر المظاهرات المعروف "بظهير كل ما من شأنه..."، إعلان الملك الراحل الحسن الثاني في خطاب عيد الشباب ل 09 يوليوز 1994 عن قرار بالعفو عن كل المعتقلين السياسيين والنقابيين...؛
3.  تحويل المجلس الإستشاري لحقوق الإنسان بسبب دستور 2011 إلى المجلس الوطني لحقوق الإنسان ودسترته؛
4.  سنة 1999 أنشأت هيئة وطنية مستقلة للتحكيم، أنيط بها التعويض المادي والمعنوي لضحايا حقوق الإنسان والإنتهاكات الحقوقية السابقة، وتمخضت عنها إنشاء هيئة الإنصاف والمصالحة في 2003 وإعدادها لتقرها في 2005، كما تمت دسترة توصيات هذه الهيئة في دستور 2011؛
5.  إنشاء ديوان المظالم سنة 2001، وحول في دستور 2011 إلى مؤسسة الوسيط ودسترته؛
6.  إضافة إلى مجموعة من المؤسسات والمجالس ذات الصلة بحقوق الإنسان التي أتى بها الدستور الجديد لفاتح يوليوز 2011، والتي ذكرنا بعضها أعلاه.
أما المؤسسات غير الرسمية فنجد فعاليات المجتمع المدني من جمعيات وهيئات للمحامين، ونقابات مهنية، ومراكز للإستماع ومراكز لحقوق الإنسان وغيرها.
وتجب الإشارة إلى أنه لا يكفي وجود كثير من المؤسسات للقول بأنه توجد ضمانة لممارسة الحقوق والحريات، بل إن تواجد بعض المؤسسات يمكن أن تكون عائقا أمام ممارسة بعض الحريات والحقوق [10].


تابع/......



المراجع والهوامش

[1]- نجيب المصمودي، التسويق الترابي ورهان التنمية المحلية المندمجة بالمغرب (المقومات- التحديات- الرهانات)، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام، تخصص تدبير الشأن العام المحلي، كلية العلوم القانونية والإقتصادية والإجتماعية، طنجة، جامعة عبد المالك السعدي، السنة الجامعية: 2012- 2013، صفحات. من 130 إلى 136.
[2]- د. عبد القادر العلمي، في الثقافة السياسية، ط. 1، منشورات الزمن،  سلسلة كتاب الجيب، العدد 47، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 2005، ص. 62- 63.
[3]- د. عبد القادر العلمي،  نفس المرجع السابق، ص. 63.
[4]- د. المصطفى قاسمي، نفس المرجع السابق، ص. 185.
[5]- د. عبد القادر العلمي، نفس المرجع، ص. 213.
[6]- د. عبد الواحد القريشي، نفس المرجع السابق، ص. 227.
[7]- نفس المرجع سابق، ص. 230.
[8]- د. عمر بندورو، حقوق الإنسان والحريات العامة، دراسة ووثائق، ط. 2،  دار القلم للطباعة والنشر والتوزيع، الرباط، 2002، ص. 148.
[9]- د. عبد الواحد القريشي، نفس المرجع السابق، ص. 231.
[10]- نفس المرجع السابق، ص. 232.


إرسال تعليق

بالصوت والصورة

قصص وعبر

ركن النساء

 
copyright © 2014 نجمة نيوز