Top Ad

logo

هذا القالب هو معرب ومطور بواسطة مدونة مداد الجليد للحصول على دعم حول هذا القالب الرجاء زيارة مدونة مداد الجليد.

الجمعة، 2 مايو 2014

الجماعات الترابية في المغرب، بين الإصلاحات التشريعية رهانات الإستثمار


https://www.facebook.com/photo.php?fbid=440394739406068&set=a.440394692739406.1073741834.100003066372578&type=1&theater
نجيب المصمودي
باحث في القانون العام
متخصص في تدبير الشأن العام المحلي
najib.elmasmoudi@gmail.com

     الجماعات الترابية في المغرب، بين الإصلاحات التشريعية رهانات الإستثمار[1]

تعد مرحلة نهاية الثمانينيات وبداية التسعينيات، مرحلة التحولات العالمية وأيضا التطورات والتغيرات القانونية من طرف بعض الدول التي ترغب في مواكبة ركب التغيرات الحضارية العالمية الذي أصبح يجعل من دولة الحق والقانون، وحقوق الإنسان والديمقراطية وحرية المبادرة... قيما عالمية لا يمكن الرجوع عنها، أو تجاهلها، والمغرب الذي يوجد في اتصال دائم عبر العصور بالمحيط الدولي جعل من تطوير الصرح القانوني إحدى أولوياته للدفع بدولة الحق والقانون، وحقوق الإنسان والديمقراطية، وحرية المبادرة... وعبرها إلى تحقيق التنمية البشرية المستدامة، وكذا الوصول إلى المرتبة التي يصبوا إليها، كما أن التحديات الراهنة والمتمثلة أساسا في تيار العولمة الجارف والدخول في اقتصاد السوق الحرة، والتغيرات السياسية والإقتصادية، والأزمات الإقتصادية والمالية العالمية المتوالية، وتحديات القرن الحالي...
إضافة إلى الأحداث الإجتماعية والإقتصادية والسياسية الداخلية، جعلت المغرب يتخذ مجموعة من التدابير القانونية من أجل تدعيم دولة الحق والقانون في المجال الإقتصادي [2]، لذلك فالتعديلات التي عرفها النظام القانوني بالمغرب، وخصوصا فيما يتعلق بالمجال الإقتصادي والإستثمارات، والتسويق الترابي، لم تكن وليدة عوامل خارجية فقط، ولكن أيضا نتيجة أسباب داخلية وطنية محضة، كما أن المشرع المغربي أصبح  واعيا بأن هناك العديد من القواعد القانونية التي لم تعد تساير العصر الراهن وأنه لابد من تعديلها، فالتغيرات الدولية [3]التي حملت موجة الإستثمارات المباشرة واقتصاد السوق الحرة، وبروز وتمكن الشركات المتعددة الجنسيات... وحقوق الإنسان والديمقراطية وحرية مبادرة... عجلت هذه التعديلات.
كان جوهر اهتمام الدولة المغربية في جلب الإستثمارات الأجنبية، والتسويق للتراب، يركز على تطوير الآليات الإقتصادية، عبر ما تقدمه من إعفاءات ضريبية، ومما تعرضه من ضمانات مالية ومزايا جمركية، لكن مع التطورات المسجلة داخليا وخارجيا، برز أنه لا مناص لها من إعادة النظر في إطار القانون المنظم للأعمال.
ووفقا لذلك، ضاعفت الدولة جهودها لتطوير البنية التشريعية المرتبطة بالأعمال وفق توجه يروم توسيع اللبرالية، وإعطاء المزيد من الضمانات للمستشرين الأجانب، والمغاربة، والتقلص من المعيقات التي تصادفهم عند مباشرة استثماراتهم [4].
قبل التطرق إلى المنظومة القانونية التي تؤطر مجال التسويق الترابي، المتمثلة في القانون الإجتماعي، قوانين الأعمال وقوانين حماية الملكية الصناعية والتجارية والمنافسة ومحاربة السلوك غير المشروع، وقوانين التسيير عن طريق التدبير المفوض وعقود الإمتياز وعقود الشراكة ومنظومة القوانون العقاري والتعمير... لابد من الإشارة بداية إلى أهم القوانين المنظمة للمنظومة القانونية الترابية والتي تنظم الجهات والجماعات الترابية الأخرى والمتمثلة أساسا حسب الفصل 135 من دستور فاتح يوليوز 2011م، في "الجهات والعمالات والأقاليم والجماعات".
وهذه المنظومة القانونية الترابية تتمثل في:
-       الظهير الشريف رقم 1.08.150، الصادر في 30 ديسمبر 2008، القاضي بتنفيذه القانون 36.08 والقاضي بتغيير وتتميم القانون 9.97 الخاص بمدونة الإنتخابات، مسطرة العملية الإنتخابية انطلاقا من مرحلة التسجيل في اللوائح الإنتخابية إلى غاية الإعلان عن النتائج وتقديم الطعون؛
-       الظهير الشريف رقم 1.97.84 الصادر في 2 فبراير 1997 والقاضي بتنفيذه القانون 47.96، بمثابة النص المنظم للجهة، إذ يعرف الجهة ببلادنا ويقدم شرحا لطريقة تنظيم المكتب الجهوي، وجردا لاختصاصات ومهام رئيس الجهة وعامل العمالة أو الإقليم في مركز الجهة؛
-       الظهير الشريف رقم 1.02.269 الصادر في 3 أكتوبر 2002 القاضي بتنفيذه القانون 79.00، هو ظهير يتعلق بتنظيم العمالات أو الأقاليم، إذ يعرف بأجهزتها وطريقة تكوينها بالإضافة إلى النظام الأساسي للمنتخب وكذا اختصاصات هذه الأجهزة؛
-       الميثاق الجماعي المنظم بقانون رقم 78.00 الصادر بظهير شريف 297.  02. 1 بتاريخ 3 أكتوبر 2002، كما تم تعديله وتتميمه بمقتضى القانون رقم 17.08 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف 153. 08. 1 بتاريخ 18 فبراير 2009، والذي حمل مجموعة من التعديلات تخص الجماعات المحلية، طريقة انتخاب رئيس الجماعة والمكتب الجماعي وكذا اختصاصات الجماعة؛
-       ظهير بمثابة قانون رقم 168.75.1 بتاريخ 15 فبراير 1977 المتعلق باختصاصات العامل كما تم تغييره وتتميمه بظهير بمثابة قانون رقم 1.93.253 الصادر في 6 أكتوبر 1993؛
-       الدستور الجديد لفاتح يوليوز 2011، وخاصة بابه التاسع المنظم للجهات والجماعات الترابية الأخرى، الفصول من 135 إلى 146.
تعتبر التحولات والتطورات السياسية والإقتصادية والإجتماعية والتكنولوجية... التي عرفها العالم، ورغبة منه في مسايرة هذه التطورات عرف المشرع المغربي سن وإحداث وتعديل كل القوانين والمواثيق المنظمة للمجال الترابي وخصوصا الجماعات الترابية بمستوياتها الثلاثة، وما دعم هذه الإصلاحات هو التعديل والإصلاح الدستوري لفاتح يوليوز 2011.
كل هذه التعديلات والإصلاحات القانونية والدستورية، أحدثت تحولات كبرى على مستوى توزيع الإختصاصات والسلطات لصالح الأجهزة المنتخبة التي يتولى رؤساؤها المهام التنفيذية، كما أصبح للجماعات الترابية اختصاصات مهمة في تدبير شؤون التنمية المحلية.
وبذلك لم يعد للجماعة الترابية  دور إداري صرف يقتصر على إنجاز بعض الوثائق والخدمات الإدارية، بل نجد أن دورها امتد إلى القيام بالأشغال والأعمال التي تدخل في مجال تنميتها والإرتقاء بدورها الإقتصادي والإجتماعي من خلال:
-       وضع المخططات وبرمجة المشاريع ومختلف التجهيزات الإقتصادية والإجتماعية داخل حدودها؛
-       إعداد المناخ المناسب واللازم لاستقبال الإستثمارات وإمكانية المساهمة فيها [5]؛
-       الإعتماد في مجالات تسيرها وتدبير شؤونها على آليات ومقومات وتقنيات التسيير والتدبير المالي والإداري والتكنولوجي للمقاولات الخاصة؛
-       اعتماد مفاهيم وآليات المقاولات الخاصة في مجال التسيير والإستثمارات والتسويق، والمنافسة، والبحث عن الأسواق...
وبذلك ستعرف الجماعات الترابية وسياسة اللامركزية بصفة عامة، تحولا نحو التطوير على ضوء الإصلاحات المعتمدة سنة 2002، إذ تضمنت مقتضيات سعت إلى تكريس الإستقلال المعنوي والمالي، وتخليق الوظيفة الإنتدابية، وتوضيح وتوسيع الإختصاصات، التخفيف من سلطة الوصاية والتقليص من الآجال وإحلال وصاية القرب وتعليل إجراءاتها. وزيادة على ذلك نجد توجهات جادة نحو تكريس المبادئ الهيكلية للتنمية من بينها: التأسيس للبعد التشاركي مع مختلف الفاعلين الإقتصاديين والإجتماعيين، وبتوسيع صيغ التعاون والشراكة بين الجماعات بهدف تعبئة الموارد والإمكانيات والخبرات وتوجيهها في خدمة مشاريع التنمية، إضافة إلى تخويل الجماعات المحلية إمكانية البحث عن شراكات خارج التراب الوطني مع الجماعات المحلية الأجنبية، تفعيل سياسة التخطيط بإلزامية اعتماد مخطط جماعي للتنمية الإقتصادية والإجتماعية يتم إعداده وفق مقاربة تشاركية تنبني على رؤية إستراتيجية تهتم بتحديد سلم الأولويات في أوجه الخصاص المحلي، تخويل المجالس صلاحيات المبادرة بإحداث شركات للتنمية المحلية، دعم وتقوية القدرات التقنية للجماعات في تتبع سير ومراقبة جودة خدمات المرافق التي تم تفويض تدبيرها بالإضافة إلى التوجه نحو اعتماد بعض آليات الحكامة بالرفع من وتيرة تدخل المؤسسات الرقابية المكلفة بالإفتحاص في أفق إحداث نظام متكامل للمساءلة والمحاسبة يضمن شفافية إبرام الصفقات وتدبير الشؤون المحلية [6].
ومن المهم الإشارة إلى أن سياسات الجماعات الترابية أو نظام اللامركزية يرتبط إلى حد كبير بمدى تطور النظام السياسي في الدولة وإيمانه بتبني ثقافة وأسلوب المشاركة وتعميق الوعي، والمساهمة في تأطير وخلق نخب قادرة على تصريف الشؤون المحلية وإنتاج المبادرات التنموية.
ومن جهة أخرى فالوحدات الترابية اللامركزية بمستوياتها الثلاث يمكن أن تكون شريكا فعليا إلى جانب الدولة والقطاع الخاص، ومساهما له مؤهلات ومقومات المشاركة الكاملة في خلق التنمية الشاملة والمستدامة كإحدى أكبر انشغالات مغرب بداية الألفية الثالثة، متى كان تدبيرها للشؤون المحلية وتحديد مجالات تدخلها يتم وفق سياسة ناجعة تخدم تحقيق هذه الغاية [7].
فالتعديلات والإصلاحات التي أجريت بخصوص المنظومة القانونية الترابية جعلت من الجماعات الترابية فاعلا مهما في مجال الإستثمارات، والتسويق الترابي وكذا لتبدي آليات ومقومات المقاولة، وهو ما أصبح يطلق عليه اليوم بالجماعة المقاولة... وهي إجراءات فرضتها التغيرات الدولية والداخلية، وخاصة في المجالات الإقتصادية والتنموية... وكل ذلك لتأهيل الجماعات الترابية وتمكينها من الآليات والمقومات القانونية اللازمة.
كما أن لتحقيق مناخ ملائم للإستثمار الأجنبي والمغربي وتسويق ترابي فعال يتطلب إطار قانوني فعال، كما أن الإطار القانوني يشكل محددا أساسيا لتحفيز واستمالة المستثمرين، وقد شهدت فترة ما بعد سنة 1995 توجه الدولة المغربية نحو تحديث البنية التشريعية المرتبطة بمناخ الإستثمار، ومراجعة الإطار القانوني للأعمال الذي كان يعود جزء كبير منه إلى الفترة الإستعمارية، ومن موجهات هذه السياسة، تمكين المغرب وجماعاته الترابية من التوفر على ترسانة قانونية في مجال الأعمال تدفع لتحفيز المبادرة الخاصة، وتضع الأدوات الأساسية لبناء اقتصادي جديد يتوجه نحو اللبرالية الإقتصادية، ويخلق الإطمئنان لدى المستثمرين المغاربة والأجانب، على نحو يشعرهم بأنهم يباشرون نشاطهم في محيط قانوني يضمن حقوقهم [8].





[1]- نجيب المصمودي، التسويق الترابي ورهان التنمية المحلية المندمجة بالمغرب (المقومات- التحديات- الرهانات)، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام، تخصص تدبير الشأن العام المحلي، كلية العلوم القانونية والإقتصادية والإجتماعية، طنجة، جامعة عبد المالك السعدي، السنة الجامعية: 2012- 2013، صفحات: 14-15-16.
[2]- د. المصطفى قاسمي، دولة القانون في المغربالتطورات والحصيلة، ط. 1، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 2004، ص. 159- 160.
[3]- نفس المرجع السابق، ص. 160.
[4]- د. جواد النوحي، مقاربة سياسية للاستثمارات الأجنبية في المغرب، ط. 1، منشورات مؤسسة الملك عبد العزيز آل سعود، مطبعة عكاظ، الرباط، 2010، ، ص. 135.
[5]- د. عبد المولى المسعيد، مسار وتحولات سياسة اللامركزية الترابية بالمغرب، ط. 1، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 2012، ص. 7.
[6]- د. عبد المولى المسعيد، نفس المرجع السابق، ص. 247.
[7]- نفس المرجع نفسه، ص. 10
[8]- د. جواد النوحي، نفس المرجع السابق، ص. 136.

                                                                       نجيب المصمودي


إرسال تعليق

بالصوت والصورة

قصص وعبر

ركن النساء

 
copyright © 2014 نجمة نيوز